أشواك وورود

موضوع: أشواك وورود الثلاثاء أبريل 20, 2010 8:58 am

أشواك وورود

وصلت الى نيويورك بعد رحلة قصيرة تُقارب الساعتين بالطائرة من وسط الى شرق القارة الأمريكية للمشاركة فى مسيرة الأقباط أمام مبنى الأمم المتحدة بمنهاتن ، وجدت الأعداد الغفيرة من الأقباط ومن نشطاء أصدقاء قدامى وشركاء الكفاح منذ أيام المرحوم الدكتور شوقى كراس ، ولأول مرة يشارك هذا الجمع الغفير من أقباط المهجر والآباء الكهنة بحوالى 30 أب كاهن من كهنة كنائس شرق أمريكا وغيرهم ، كذلك لاحظت تواجد أعداد كبيرة جداً من الشباب والشابات والأطفال ورجال ونساء من جميع الأجيال حتى العجائز وكبار السن لم يمنعهم التعب والمرض وكبر السن من المشاركة والتعبير عن غضبهم وحزنهم لما يحدث لشعبنا المضطهد بمصر ، |
لأول مرة أرى الوجوه الحزينة والغاضبة بملامح التحدى والشجاعة فى نفس الوقت ، ولأول مرة يتجمع هذا الكم الضخم من اقباط المهجر بمسيرة واحدة منذ ثلاثون عاماً قضيتها بالمهجر وكلها ممتلئة بالمسيرات والمظاهرات والنشاط منذ أول مظاهرات شاركنا فيها فى نفس المكان أمام مبنى الأمم المتحدة بمنهاتن نيويورك ومن نفس الموقع ( حائط أشعياء)

الفنان شفيق بطرس

24 يناير 2010

ولكن كانت الظروف تختلف والزمان يختلف فكان الزمان فى صيف 1981 والظروف تختلف حين فعلها السادات وقرر إحتجاز سيدنا البابا شنوده الثالث بالدير وإعفاءه عن مهامه من منصبه ومكانته كبطريرك الأقباط بمصر وكل العالم وأب روحى لأبناء الكرازة المرقسية وخليفة القديس مار مرقس الرسول كذلك قرارات السادات المجنونة بإعتقال العديد من الآباء الأساقفة والكهنة ورجال الأكليروس والعلمانيين وبعض رجال الفكر والسياسة من المسيحيين والمسلمين ،
وعجَّلت السماء بالرد وكانت حادثة المنصة وأغتيال الرئيس السادات برصاص الغول الذى أخرجه هو بنفسه من القمقم وتركه يتوحش ضد الشيوعيه والناصريه والأقباط وخرجت كوادر الأخوان المسلمين لتأخذ مكانتها فى المجتمع المصرى وتؤسلم كل شىء وتصبغ المجتمع كله بالصبغة الوهابية المتعصبة والكارهة للآخر ،
وجدت فى هذه المسيرة مشاعر الرُقى والتعقل والحكمة تطغى على مشاعر الحماس والآلآم لتواجد الآباء الكهنة فى مقدمتها ، فكنا نُعبر عن انتهاك الحقوق للمسيحيين بمصر وتجاوز الظالمون المدى ووصول الظلم الى أقصى المؤشرات فى كل المجالات الى الحد الذى لا يمكن السكوت عليه بعد اليوم .

وأجد وسط كل هذه الأشواك فى هذه المرحلة بعض الورود التى شاركت مع ورود الباقات التى وضعناها فوق التوابيت الرمزية لشباب نجع حمادى الضحايا والشهداء ، وكانت هذه الورود بين الأشواك هى مشاركة رجال الكنيسة بالمهجر لنا مما يفتح صفحة جديدة فى العمل القبطى بالمهجر حين يُكلله الآباء الأساقفة والكهنة كما حدث بجميع مسيرات الأقباط بكل دول العالم فى أوروبا وكندا وكل ولايات أمريكا من الساحل الغربى من كاليفورنيا الى الساحل الشرقى بنيوجيرسى ونيويورك وواشنطن الى جنوب أمريكا بفلوريدا وتكساس مروراً بكل ولايات وسط أمريكا وكذلك كما حدث بأستراليا وبهذا يفتح نشطاء الأقباط بالمهجر عهداً جديداً مباركاً بمشاركة رجال الأكليروس لهم فى التعبير عن الغضب القبطى بالمهجر لما يحدث لشعبنا المُضطهد داخل مصر ،

أما الورود الأخرى وهى تدعيم بعض رجال الإعلام المصرى المتحضرين والبعداء عن التعصب الأعمى للأقباط وتفهمهم لحقيقة مشاكل أقباط مصر والأنتهاكات الحقوقية للمسيحيين داخل مصر ، بل مطالبة رجال الدولة والنظام المصرى بعمل أى خطوات إيجابية تجاه مظالم المسيحيين فى الوطن مثل الأستاذ عمرو أديب ومحمود سعد ومعتز الدمرداش والأستاذة لميس الحديدى وغيرهم من رجال الصحافة والإعلام المحايدين والمتعاطفين مع مشاكل أقباط الداخل ، كذلك تعاطف العالم كله والسياسيين الدوليين كالبابا بينديكيت ورجال البرلمان بالأتحاد الأوروبى وكندا وأستراليا والكونجرس الأمريكى

وكذلك أرى وردة من ضمن الورود وهى بعض الأخوة المسلمين الذين تأثروا لما أعلنة قداسة البابا شنودة الثالث من مشاركة أهل أحد الضحايا المسلم ( أمين الشرطة) من نجع حمادى والذى قتله رصاص المجرمين الأوغاد فى ليلة العيد مع أصدقاءه المسيحيين وراح ضحية التعصب الأعمى وسط شهداء نجع حمادى السبعة من الشباب المسيحى وقد بادر قداسة البابا بتقديم واجب العزاء لأهل أمين الشرطة المسلم وكذلك قد زار الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادى أهل القتيل المسلم وقدم واجب العزاء ولا نعلم لربما شارك فى تقديم المعونات الى أهله وأسرته ، وقد تأثر أحد الشيوخ المسلمين بذلك بالمهجر مما دعاه للمشاركة بالمسيرة أمام الأمم المتحدة مع أخوانه الأقباط ليتحقق بذلك كلام الرب فى إنجيل القديس متى البشير حينما قال :
"فليضيء نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السموات" (متى 16:5)

فقد رأى الناس أعمالنا الحسنة وكيف نواجه الرصاص بالمحبة بالرغم من أعتراضنا ونبذنا للجريمة النكراء ولكننا لا نكره المجرمون ولكننا نكره وننبذ أعمالهم وجرائمهم ونقدم الحب كما علمنا إلهنا للجميع حتى لمن يعتبرون أنفسهم أعداء لنا ، وبذلك يرى الناس أن هنالك الورود حتى بين أعتى وأصعب الأشواك

الفنان شفيق بطرس